أدخل كلمة للبحث






Div By Tools4b


الجمعة، 8 ديسمبر 2017

شبهة: ابن تيمية يصف الله تعالى بالجسم

نشرت من طرف : alkachif  |  في  ديسمبر 08, 2017

نص الشبهة:

قال علي الكوراني:
 قال ابن تيمية في (تلبيس الجهمية) ص619: (قال بعضهم: قد قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ}. فقد ذم الله من اتخذ إلهاً جسداً، والجسد هو الجسم فيكون الله قد ذم من اتخذ إلهاً هو جسم.
فيقال له: هذا باطل من وجوه، أحدها: أن هذا إنما يدل على نفي أن يكون جسداً لا على نفي أن يكون جسماً! والجسم في اصطلاح نفاة الصفات أعم من الجسد)!!

1ـ ما الفرق بين أن نقول إن الله تعالى جسم أو جسد؟! فكل منهما من عالم الطبيعة ويحتاج إلى مكان وزمان؟ والله تعالى يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَئٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)؟! وعلى قول شيخكم ابن تيمية: (إن هذا إنما يدل على نفي أن يكون جسداً لا على نفي أن يكون جسماً)! يكون الله تعالى جسماً، فلا يصدق عليه أنه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَئٌ)؟!

نص الجواب:

قال أبوبكر المغربي:

وهذا من تلبيس مسيلمة خادم إبليس ومن الكذب البين الواضح، فمن معلوم لدى المخالف قبل الموافق، أن شيخ الإسلام أشد الناس إنكارا على من يصف الله تعالى بما لم يصف نفسه به أو يُسميه بما لم يسم نفسه به.
وما نقله عن شيخ الإسلام هو كلام مبتور من كتابه الفذ تلبيس الجهمية، وهذا ما نقله: (قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} فَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ مَنْ اتَّخَذَ إلَهًا جَسَدًا؛ وَ " الْجَسَدُ "هُوَ الْجِسْمُ؛ فَيَكُونُ اللَّهُ قَدْ ذَمَّ مَنْ اتَّخَذَ إلَهًا هُوَ جِسْمٌ. وَإِثْبَاتُ هَذِهِ الصِّفَاتِ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ جِسْمًا وَهَذَا مُنْتَفٍ بِهَذَا الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ. فَهَذَا خُلَاصَةُ مَا يَقُولُهُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى الشَّرْعِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا أَنَّ هَذَا إذَا دَلَّ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ أَنْ يَكُونَ جَسَدًا؛ لَا عَلَى نَفْيِ أَنْ يَكُونَ جِسْمًا وَالْجِسْمُ فِي اصْطِلَاحِ هَؤُلَاءِ - نفاة الصِّفَاتِ - أَعَمُّ مِنْ الْجَسَدِ)
إلى هنا انتهى نقله ولو اقتصرنا فقط على هذا المنقول فأين فيه أن ابن تيمية يصف الله تعالى بأنه جسم؟؟ ما أكذبه!!
إن أقصى ما يدل عليه الكلام أن فيه ردّاً على المعطلة بما يلتزمونه من الإصطلاحات لا أنه يعتقد بها ولذلك قال: (في اصطلاح هؤلاء نفاة الصفات)،  فكيف يُلزم مسيلمة كوران الشيخ بما لا يلتزم به هو،
وقد طرح سؤالا بناء على فريته وأعجميته فقال: ما الفرق بين أن تقول إن الله جسم أو جسد؟  يريد بذلك إلزام الإمام ابن تيمية بأنه ينفي أن يوصف الله I بالجسد دون الجسمية افتراء عليه ولعله يحسن بنا الآن أن نذكر كلام شيخ الإسلام كاملا لنرى كيف يُلزم النفاةَ باصطلاحاتهم دون تبنيها، وكيف يفتري عليه مسيلمة الكذاب دون استحياء.

 قال رحمه الله بعد ذكر ما نقله عنه مسيلمة مباشرة: (فَإِنَّ الْجِسْمَ يَنْقَسِمُ عِنْدَهُمْ إلَى كَثِيفٍ وَلَطِيفٍ؛ بِخِلَافِ الْجَسَدِ). ثم ذكر وجوها تسعة للرد عليهم فقال في آخر جملة ختم بها مبحثه في الوجه التاسع
 (فَإِذَا دَلَّتْ قِصَّةُ الْعِجْلِ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى امْتِنَاعِ كَوْنِ الرَّبِّ تَعَالَى جَسَدًا أَوْ جِسْمًا) فانظر عزيزي القارئ إلى افتراء الكذاب وتعمده الكذب ولا تتعجب والخوئي يُفتي بجواز تعمد الكذب على المخالف نصرة لمذهب المجوس، فشيخ الإسلام قال في أول كلامه: (إن الجسم ينقسم عندهم) أي هو من الألفاظ المحدثة عند المتكلمين وبعد أن فند اصطلاحاتهم ولوازمها في تسعة وجوه ذكر في الأخير ما يدين اللهَ وجميعُ المسلمين به بأنه لا يجوز وصف الله I لا بالجسم ولا بالجسد، فيُعلم من هذا أن مسيلمة كوران تعمد الكذب وما هي بأُولى كذباته.
ومن نظر في مؤلفات شيخ الإسلام وجد أنه لا يُقر بهذا اللفظ وأنه ينسبه إلى المتكلمين ويعيب عليهم ابتداعه،
 قال في المجلد الثالث من رسائله ومسائله في فصل القرآن العزيز ودلالته:
 (لكن أهل الكلام اصطلحوا على أن كل ما يشار إليه يسمى جسماً، كما اصطلحوا على أن كل ما يقوم بنفسه جوهراً، ثم تنازعوا في أن كل ما يشار إليه هل هو مركب من الجواهر الفردة أو من الماردة والصورة أو ليس مركباً لا من هذا ولا من هذا على أقوال ثلاثة قد بسطت في غير هذا الموضع، ولهذا كان كثير منهم يقولون الجسم عندنا هو القائم بنفسه أو هو الموجود لا المركب.
 قال أهل العلم والسنة: فإذا قالت الجهمية وغيرهم من نفاة الصفات: إن الصفات لا تقوم إلا بجسم والله تعالى ليس بجسم، قيل لهم إن أردتم بالجسم ما هو مركب من جواهر فردة أو ما هو مركب من المادة والصورة لم نسلم لكم المقدمة الأولى وهي قولكم أن الصفات لا تقوم إلا بما هو كذلك، قيل لكم إن الرب تعالى قائم بنفسه والعباد يرفعون أيديهم إليه في الدعاء ويقصدونه بقلوبهم وهو العلي جل علا سبحانه، ويراه المؤمنون بأبصارهم يوم القيامة عياناً كما يرون القمر ليلة البدر، فإن قلتم إن ما هو كذلك فهو جسم وهو محدث، -كان هذا بدعة مخالفة للغة والشرع والعقل، وإن قلتم نحن نسمي ما هو كذلك جسماً ونقول إنه مركب قيل تسميتكم التي ابتدعتموها هي من الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان).

 فلاحظ كيف نسب لفظ الجسم في أول كلامه إلى أهل الكلام عندما رد عليهم ختم بقوله إن تسمية الله تعالى بذلك بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ثم قال رحمه الله بعد هذا الكلام في المجلد الأخير الخامس في باب تفصيل الإجمال (كالمعتزلة لما أثبتوا أنه حي عليم قدير، وقالوا أنه لا يوصف بالحياة والعلم والقدر والصفات لأن هذه أعراض لا يوصف بها إلا ما هو جسم ولا يعقل موصوف إلا جسم. فقيل لهم: فأنتم وصفتموه بأنه حي عليم قدير ولا يوصف شيء بأنه عليم حي قدير إلا ما هو جسم، ولا يعقل موصوف بهذه الصفات إلا ما هو جسم، فما كان جوابكم عن الأسماء كان جوابنا عن الصفات. فإن جاز أن يقال ما يسمى بهذه الأسماء ليس بجسم، جاز أن يقال فكذلك يوصف بهذه الصفات ما ليس بجسم).

وقال رحمه الله في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح الجزء الرابع باب: الجواب عن شبهة النصارى في الإقرار:
(وأما الشرع، فالرسل وأتباعهم الذين من أمة موسى وعيسى ومحمد r لم يقولوا: إن الله جسم، ولا إنه ليس بجسم، ولا إنه جوهر، ولا إنه ليس بجوهر.
لكن النزاع اللغوي والعقلي والشرعي في هذه الأسماء، هو مما أحدث في الملل الثلاث بعد انقراض الصدر الأول من هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء.
والذي اتفقت عليه الرسل وأتباعهم، ما جاء به القرآن والتوراة من أن الله موصوف بصفات الكمال، وأنه ليس كمثله شيء، فلا تمثل صفاته بصفات المخلوقين، مع إثبات ما أثبته لنفسه من الصفات، ولا يدخل في صفاته ما ليس منها، ويخرج منها ما هو داخل فيها).

وقال في المجلد الأول من كتابه درء تعارض العقل والنقل:

(بل قول القائل: إن الله جسم أو ليس بجسم، أو جوهر أو ليس بجوهر، أو متحيز أو ليس بمتحيز، أو في جهة أو ليس في جهة، أو تقوم به الأعراض والحوادث أو لا تقوم به، ونحو ذلك كل هذه الأقوال محدثة بين أهل الكلام المحدث، لم يتكلم السلف والأئمة فيها، لا بإطلاق النفي ولا بإطلاق الإثبات، بل كانوا ينكرون على أهل الكلام الذين يتكلمون بمثل هذا النوع في حق الله تعالي نفياً وإثباتاً.
وإن أردت أن نفي ذلك معلوم بالعقل، وهو الذي تدعيه النفاة، ويدعون أن نفيهم المعلوم بالعقل عارض نصوص الكتاب والسنة).

ولولا خشية الإطالة لجعلت هذا المجلد كله في نقل كلام شيخ الإسلام المناقض لما افتراه عليه مسيلمة كوران، إلا أنه يكفي لبيان أن شيخ الإسلام بريئ من هذه الفرية أن نقول: "قال الكوراني"، فكيف وقد نقلنا كلام الإمام رحمه الله؟؟

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

عن صاحب المدونة

أبوبكر هشام المغربي مدرس العلوم الشرعية
في مدارس العتيق بالمغرب ومدرس حر في
غير المدارس، وباحث في العقائد المخالفة للسنة

عن المدونة

بسم الله الرحمن الرحيم:
مدونة كشف الشبهات غايتها رد شبهات المخالفين لعقيدة أهل السنة بردود سنية
مع بيان معتقد أهل السنة والجماعة

Blog Archive

back to top