أدخل كلمة للبحث






Div By Tools4b


الخميس، 14 ديسمبر 2017

شبهة: صفات الله عين ذاته

نشرت من طرف : alkachif  |  في  ديسمبر 14, 2017

هل صفات الله تعالى عين ذاته أو زائدة عن ذاته؟

_ معنى قولنا الصفات زائدة عين الذات:


 أي أننا نثبت لله سبحانه وتعالى ذاتا ونثبت له صفات زيادة على إثباتنا لذاته فصفات العلم والسمع والبصر والكلام والحياة والرحمة والحكمة والحب والرأفة هذه الصفات ليست هي نفس الذات، فالمعطلة كالجهمية المتقدمين والمتأخرين والمعتزلة أثبتوا ذات الله I مجردة من كل الصفات فقابلهم أهل السنة المثبتة للصفات فقالوا: إنا نثبت صفاتٍ زائدةً على الذات ولم يقولوا غير الذات كما نسب إليهم مسيلمة الكذاب فزيادة لفظ "زائد عن الذات" إنما نُطلقها في مقابل من أطلق الذات مجردة عن صفاتها أما من أطلقها يريد الذات الموجودة في الخارج بصفاتها اللازمة لها  فلا نقول في تلك الذات عندئذ: "هناك صفات زائدة عنها" لأن الموجودة في الخارج موجودة بصفاتها.
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في شرحه لحديث النزول: (وإذا قال من قال من أهل الإثبات للصفات: أنا أثبت صفات الله زائدة على ذاته: فحقيقة ذلك أنا نثبتها زائدة على ما أثبتها النفاة من الذات. فإن النفاة اعتقدوا ثبوت ذات مجردة عن الصفات، فقال أهل الإثبات: نحن نقول بإثبات صفات زائدة على ما أثبته هؤلاء.
وأما الذات نفسها الموجودة فتلك لا يتصور أن تتحقق بلا صفة أصلا، بل هذا بمنزلة من قال: أثبت إنسانا، لا حيوانا، ولا ناطقا، ولا قائما بنفسه، ولا بغيره، ولا له قدرة، ولا حياة، ولا حركة، ولا سكون، أو نحو ذلك، أو قال: أثبت نخلة ليس لها ساق، ولا جذع، ولا ليف، ولا غير ذلك؛  فإن هذا يثبت ما لا حقيقة له في الخارج، ولا يعقل؛ ولهذا كان السلف والأئمة يسمون نفاة الصفات معطلة؛ لأن حقيقة قولهم تعطيل ذات الله I وإن كانوا هم قد لا يعلمون أن قولهم مستلزم للتعطيل، بل يصفونه بالوصفين المتناقضين فيقولون: هو موجود قديم واجب، ثم ينفون لوازم وجوده، فيكون حقيقة قولهم: موجود ليس بموجود، حق ليس بحق، خالق ليس بخالق، فينفون عنه النقيضين، إما تصريحا بنفيهما، وإما إمساكا عن الإخبار بواحد منهما).

_ معنى قولهم صفات الله عين ذاته.

مرادهم بهذا هو أن الله جل وعلا استغنى بذاته عن كل شيء، حيث اعتبروا إثبات الصفات لله جل وعلا هو من قبيل الحاجة إليها، وأن إثباتها معه إثبات لقديم أزلي، وهذا يؤدي إلى تعدد القدماء في زعمهم، وهذا من أصول مقالتهم في إنكار الصفات وتسمية إنكارهم للصفات "التوحيد". انظر: كلام عبد الجبار المعتزلي في بيان السبب لإنكارهم اتصاف الباري جل وعلا بهذه الصفات. شرح الأصول الخمسة ص 195-196.
 وهؤلاء القائلون بهذه العبارة على قسمين كلاهما في الضلال البعيد:

-        إثبات الصفة التي يدل عليها الإسم لكنها نفس ذات الله فيقولون إن الله عالم، فهنا ذات وصفة العلم إلا أن الصفة هي الذات أي علم الله هو الله وحياة الله هي هو وقدرة الله هي هو فيلزم من هذا الكفر أن من قال داعيا يا قدرة الله أنه دعا الله.
-        نفي الصفة تماما فيقولون إن الله عليم بذاته وسميع بذاته ولا علم له ولا سمع له ولم يصفوا الله تعالى إلا بما يسمونه (السلوب) أي سلب صفات النقص عنه فيقولون ليس بجاهل في مقابل نفيهم لصفة العلم زعما منهم أن إثبات هذه الصفات يستلزم تعدد القدماء فيكون عندنا أكثر من قديم لا أول له وهؤلاء هم المعتزلة ومن قلدهم كالرافضة فهم يقولون إذا أثبتنا لله تلك الصفات نقول كان الله وعلمه كان الله وسمعه فيكون عندنا أكثر من قديم.
 والجواب على جهلهم وضلالهم من وجوه:

أولا: إن الصفات زائدة عن الذات لا عن الله عز وجل حتى يُلزمنا هذا الإلزام "أي تعدد القدماء"أما لفظ الجلالة الله فإنه يُطلق على الذات والصفات معا ولا يُطلق على أحدهما دون الآخر فلا يُقال "الله"  ويراد به الذات فقط أوالصفات فقط، فإن تبين أنه لا يصح أن يقال كان الله وعلمه لأن لفظ الجلالة الله شمل العلم والذات وإنما يُقال كان الله بعلمه كان الله بسمعه  فلا يلزم تعدد القدماء، وما وقعوا فيه من هذا السخف إلا ببعدهم عن الكتاب وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل:

(وقول القائل: الصفات زائدة على الذات ليس كقوله: صفات الله زائدة على الله، لأن مسمى اسم الله يدخل في صفاته، فإذا قال: "الله" دخل فيه صفاته، فإذا قال: هي غيره أوهم مباينةً لله لم تدخل في اسمه.
وأما لفظ الذات فقد يراد بها الذات التي يقدر أنها مجردة عن الصفات، والصفات زائدة على لفظ الذات).
ثانيا: أن تعدد الصفات القائمة بذات واحدة لا يلزم منها التعدد في الخارج فإنا نقول في زيد طويل وعريض وسميع وبصير ووسيم وعربي ورجل وكل هذه الصفات لا تُوجب تعدد الذوات فزيد هو واحد بصفاته والذي أوقع هؤلاء في هذا الضلال ظنهم أن صفات الله لها وجود خارجي فعندما نقول السمع فسمع الله ذات قائمة بنفسها عندهم وهكذا في جميع الصفات وهذا ما ظنه الأعجمي مسيلمة الكذاب،
 وأيضا نقول لهم ما قاله النووي ردا على المعطلة منهم:

 (فإن كَتَب ألفاً بألوان مختلفة متعددة، لا يشعر ذلك بتعدد الألفات، وإنما التعدد يقع باعتبار تلك الألوان مع المحل، والمتعدد بتعدد محله لايكون متعدداً في نفس الأمر، إذ لو كان متعدداً مع قطع النظرعن محله،  يلزم أن يكون الواحد أكثر من واحد، وذلك محال).

ولنختم بكلام للإمام السفاريني رحمه الله في كتابه "لوامع الأنوار البهية" وما نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
(اختلف النظار في صفات الباري عز وجل، هل هي عين ذاته تعالى، أو غير ذاته المقدسة، وبهذه الشبهة نفت المعتزلة الصفات عن الذات لأنهم قالوا: إما أن تكون الصفات حادثة، فيلزم قيام الحوادث بذاته، وخلوه تعالى في الأزل عن العلم والقدرة والإرادة والحياة، وغيرها من الكمالات، وصدورها عنه تعالى بالقصد والاختيار أو بشرائط حادثة، والجميع باطل بالاتفاق، وإما أن تكون قديمة فيلزم تعدد القدماء، وهو كفر بإجماع المسلمين، وقد كفر النصارى بثلاثة قدماء فكيف بالأكثر.
والجواب إنما المحظور في تعدد القدماء المغايرة، ونحن نمنع تغاير الذات مع الصفات، والصفات بعضها مع بعض؛ فينتفي التعدد والتكثر، ولئن سلم ما زعموا من تعدد القدماء فالممتنع تعدد القدماء إذا كانت ذواتا مستقلة لا تعدد ذات وصفات لها، فهذا مباين لقول النصارى، كما لا يخفى عن ذي بصيرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحم الله روحه - في شرح العقيدة الأصفهانية: واسم الغير فيه اصطلاحان
أحدهما: أن الغيرين ما جاز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر،
والثاني: أن الغيرين ما جاز العلم بأحدهما للآخر. وعُرفا أيضا بأنهما الموجودان اللذان يمكن انفكاك أحدهما عن الآخر بوجود أو مكان أو زمان، فالغيرية كون الموجودين يتصور انفكاك أحدهما عن الآخر.
والعينية هي الاتحاد في المفهوم بلا تفاوت أصلا. فلا يكونان نقيضين بل يتصور بينهما واسطة بأن يكون الشيء بحيث لا يكون مفهومه مفهوم الآخر، ولا يوجد بدونه، كالجزء مع الكل، والصفة مع الذات العلية، وبعض صفاتها مع بعض.

قال شيخ الإسلام:
والأول -يعني أن حد الغيرين: ما جاز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر- اصطلاح المعتزلة والكرامية،
 والثاني: -وهو أن حد الغيرين: ما جاز مفارقة أحدهما للآخر كما تقدم- اصطلاح طوائف من الكلابية والأشعرية، ومن وافقهم من الفقهاء من أصحاب الأئمة الأربعة.
قال: وأما الأئمة كالإمام أحمد بن حنبل t وغيره، فإن لفظ الغير عندهم يحتمل هذا وهذا، ولهذا كان السلف لا يطلقون القول بأن صفات الله تعالى غيره، ولا أنها ليست غيره، فلا يقولون كلام الله غير الله، ولا يقولون ليس غير الله، بل يستفسرون القائل عن مراده فقد يريد الأول وقد يريد الثاني، وهذه طريقة حذاق النظار، فإن أراد الاصطلاح الثاني فجزء الشيء اللازم وصفته اللازمة ليس بغير له، فلا يكون ثبوته موجبا لافتقاره إلى غيره، وإن تكلم بالأول فثبوت الغير بهذا التفسير، لا بد منه فإنه يمكن العلم بوجوده، والعلم بأنه خالق، والعلم بعلمه، والعلم بإرادته، وهم يفسرون عن ذلك بالعقل والعناية، وهذه المعاني أغيار على هذا الاصطلاح، وثبوتها لازم لواجب الوجود، وإذا كان ثبوت هذه الأغيار لازما له لم يجز القول بنفيها لأن نفيها يستلزم نفي واجب الوجود.
واعلم أن مثل هذا وإن سمي تركيبا فليس منافيا لوجوب الوجود فإذا قيل واجب الوجود لا يفتقر إلى غيره قيل لا يفتقر إلى غير يجوز مفارقته له أم إلى غير لازم لوجوده؟
 فالأول حق،
 وأما الثاني، إذا أريد بالافتقار أنه مستلزم له فممنوع.

وقال شيخ الإسلام أيضا - قدس الله سره - في كتابه: (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) ما ملخصه: من الناس من يقول: كل صفة للرب U غير الأخرى، ويقول الغيران ما جاز العلم بأحدهما مع الجهل بالآخر.
ومنهم من يقول: ليست هي غير الأخرى ولا هي هي، لأن الغيرين ما جاز وجود أحدهما مع عدم الآخر أو ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بزمان أو مكان أو وجود.
قال: والذي عليه سلف الأمة وأئمتها إذا قيل لهم: علم الله، وكلام الله، هل هو غير الله أم لا؟ لم يطلقوا النفي ولا الإثبات؛ فإنه إذا قيل: هو غيره أوهم أنه مباين له، وإذا قيل: ليس غيره أوهم أنه هو، بل يستفصل السائل، فإن أراد بقوله غيره أنه مباين له منفصل عنه فصفات الموصوف لا تكون مباينة له منفصلة عنه، وإن كان مخلوقا فكيف بصفات الخالق؟ وإن أراد بالغير أنها ليست هي هو فليست الصفة هي الموصوف فهي غيره بهذا الاعتبار، واسم الرب إذا أطلق يتناول الذات المقدسة بما تستحقه من صفات الكمال، فيمتنع وجود الذات عرية عن صفات الكمال، فاسم (الله) U يتناول الذات الموصوفة بصفات الكمال، وهذه الصفات ليست زائدة على هذا المسمى بل هي داخلة في المسمى، ولكنها زائدة على الذات المجردة التي ثبتها نفاة الصفات فأولئك لما زعموا أنه ذات مجردة، قال هؤلاء: الصفات زائدة على ما أثبتموه من الذات، وأما في نفس الأمر فليس هناك ذات مجردة تكون الصفات زائدة عليها، بل الرب تعالى هو الذات المقدسة الموصوفة بصفات الكمال وصفاته داخلة في مسمى أسمائه I، انتهى.
وهذا تحقيق لا مزيد عليه فاحفظه فإنه مهم، وبالله التوفيق).
وصدق السفاريني عندما قال: "هذا تحقيق لا مزيد عليه فاحفظه فإنه مهم.

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

عن صاحب المدونة

أبوبكر هشام المغربي مدرس العلوم الشرعية
في مدارس العتيق بالمغرب ومدرس حر في
غير المدارس، وباحث في العقائد المخالفة للسنة

عن المدونة

بسم الله الرحمن الرحيم:
مدونة كشف الشبهات غايتها رد شبهات المخالفين لعقيدة أهل السنة بردود سنية
مع بيان معتقد أهل السنة والجماعة

Blog Archive

back to top